الأحد، 18 سبتمبر 2016

القيود الخفية


 وردتني رسالة بريدية من صديق قديم
 فحواها كيف هو عيدك ؟
فأثار سؤاله داخلي شعورا يمتزج فيه الغيظ والقهر معاً
و هممت أن أكتب له : العيد يوم كسائر الأيام
لكني عدلت فكتبت : كل الأيام خير
 وبما أني لم أنشر منذ زمن كتابات جديدة
قررت لحظتها أن أكتب عن العيد على سبيل الوفاء لمتابعي مدونتي
و ربما لأثبت لنفسي أنني لا أزال قادرة على العطاء
لكني لم أجد ما أقوله عن عيدي
هل سأخبر صديقي القديم أنني لم أعد أجد للعيد فرحة
سأكون في نظره ونظركم سوداوية
هل سأكرر ما يقوله الناس العيد للأطفال
هل سأكذب و أقول العيد رائع
 لن أكون أنا هي أنا
التي لطالما كانت صريحة هي أنا
التي لطالما انتقدت صراحتها
صراحتها نقطة ضعف
 على الاقل كما صورها لها المقربون منها
 الحقيقة أن كل ما كتبته حتى الآن لا يعدو كونه كلاما عابرا
 فكتاباتي المميزة التي أعجبت قرائي كانت مثيرة مفعمة بالمشاعر
الحزن فيها مهيب والعشق ذا لهيب واللغة غنية والتعابير مدهشة
 ترى ما الذي حل بقلمي سؤال يراودني
جوابه معروف لدي
لكني قد لا أريد أن أطلعكم عليه
نعم .. بكل صراحة
فماذا يمنع الكاتب من مواصلة البوح والتعبير وصياغة الفكر الذي يراوده
مالذي يحول بيني وبين مواصلة طريقتي التي اعتدتها في الكتابة
واعتادها المعجبون بقلمي المتمرد
الكتابة التي في كل مرة تصاحبها حالة مخاض
وأجواء و طقوس الوحدة الهدوء الليل الحزن الاشتعال الداخلي
 وأحيانا نوبات من الحمى
 وأي فكر هذا الذي لا يتألق الا في المرض
هو والله كذلك فالمريض كالمخمور تحت تأثير الحمى و العقاقير
و يجد لنفسه فسحة من الحرية مساحة من الجرأة
يغمض عينيه عن الممنوع والمنكر والشاذ والخارج عن المألوف
يجيء بما لم يسبق اليه
يطرح هموما تثقل قراءه ويكتمونها
يعري أوضاعا يصمتون عن كشفها
يلامس أوجاعا يخجلون من التأوه بها
يستدر دموعا يخفونها تحت جنح الظلام
دموع تحتبس في المحاجر و صرخات لا تتجاوز الحناجر
 المجتمع .. و ما أدراك ما المجتمع
الناس وأعرافهم الغبية التي ما أنزل الله بها من سلطان
تصادر كل شعور قبل أن يبلغ هدفه
القمع لمواهب عديدة يئدها النقد المجتمعي
 ألا زلتم معي ؟!
أرأيتم كيف حولتكم عن المحور الاساسي لخاطرتي
السبب الحقيقي لتوقفي عن الكتابة
 ها أنا أدور حول الحمى
ولا أقع فيه
 يقيدني الحذر الشديد من كلمة قد تجلب لي المتاعب
 بعد مشوار طويل من الخواطر التي ربما أعجبتكم
 تأكدوا اليوم أن ما في الجعبة أجمل وأشد إثارة و جدلا
 كالقنبلة الموقوتة أضع يدي عليها كل يوم و أخشى من عواقبها
 ربما أفجرها في أرض لا تعرف اسمي المهاجرة الأحد: 17/12/1437هـ