الأحد، 18 سبتمبر 2016

بحر السماء




الليلة التاسع عشر من سبتمبر
رحل الصيف المشتعل
وأقبل الخريف الهادئ
جلست في مكاني المعتاد
جلسة اليائس الوحيد الغريب
الذي لا حول له ولا قوة
و لا يملك من أمره شيئا
جلست أحاول الهرب من جحيم التفكير
الى نعيم السماء
بعد غروب ساحر
زرقة عجيبة في السماء
لون يصعب وصفه
ليس بالحالك ولا بالأشهب
لون ساحر عكسته القدرة الربانية في السماء
يجعلك تمعن النظر فيه
و تغوص عيناك في بحر السماء
تجذبك قوة علوية
تستل منك الاهتمام كله
تنسيك الارض وما رحبت
تلقي عن صدرك أثقالا جاثمة
تخشى أن يغمق اللون ويخالطه السواد
حين ترحل تلك الشامخة نحو الغرب البعيد
حوريات النجوم تطل بخجل تومض من بعيد
تغازل الانسان البائس على التراب المدنس
والهواء عليل عليل عليل
يشفي منك كل غليل
يداعب وجهك
يلاطف شعرك
والزرقة العجيبة تمعن في سحرها
تستنشق الهواء ملء الصدر
وتود لو يجعل لك فاطر السماء بدل اليدين جناحين
ها هي أسراب القطا ترفرف فوقك
تستعرض ما خلق لها و خلقت له
الهجرة الجماعية
الحرية
فليس عليها قيود و واجبات

كالانسان البائس
تمنيت لو امتلكت جناحين
وتخلصت من أثقال الارض و أهلها
والتحقت بالسرب المهاجر
القى ما كتب لي من قدر
لكني أعيش ماتبقى من عمر
حرة طليقة منعمة في الهواء الطلق والزرقة الساحرة
عادت بي الذاكرة نحو الثمانينات من القرن الماضي
الاذان يصدح بصوت جارنا العجوز
امي تنظف الصاج استعدادا لتجهيز خبز العشاء
تقرب وعاء العجين
تنثر الدقيق في الصحن
تبل يديها
تقطع العجينة من جانب الوعاء بمهارة
صوت الباب يغلق بقوة
جاء والدي
من جلسة قهوة العصر
ينادي من بعيد باسم امي
يسالها هل خبزت
وهي تسارع في حك سطح الصاج لتزيل ما علق به من دقيق محترق
وبكل طواعية وانوثة تجيبه نعم اصبر قليلا
يناديني
يجذب يدي الصغيرة
يجلسني جانبها
تعلمي
اخبزي
ورائحة خبز امي تملأ الارجاء


لا اريد حياتي اليوم
اريد الامس
او اللحاق بوالدي
سئمت حزني
سئمت صفعات الحياة
لا ازال اتشبث بايماني
لكني اخشى ان تدفعني الاقدار للمجهول.