الخميس، 27 أكتوبر 2016

ظلال الذكرى

 




قرأتُ مقالًا رائعًا بعنوان سطوة الذكرى للكاتب علي الفيفي
يتحدث فيه عن الحنين للماضي
وكلنا نجد ذاك الحنين لكل ماض و قديم.
نحن لحارة عتيقة
لزير الماء
و ظلال العريشة
و صباحات الأعياد
وحناء الجدة
والعيديات البسيطة من ألعاب أو حلويات
نحن لمنزل الطفولة الخشبي
لصرير أبوابه التي لطالما داعبتها الريح
وكان صوتا مزعجا لنا
نحن لأنفسنا في ذاك الزمن
حيث كانت تحت رعاية الكبار
وكان الصدر لا يحمل سوى حماس اللعب
والتفكير لا يشغله
الا التخطيط للعب
ويتفنن كل مرة في اختراع لعبة جماعية
لا نشعر بالزمن ولا ندري عن حروب ولا مخاوف مستقبلية
لم نهتم لحرب الخليج الاولى ايران والعراق
ولا لضحايا صبرا وشاتيلا
ولا أصوات الطائرات المروحية
التي كانت تحلق قريبا وتثير خوفا مختبئا في النفوس الصغيرة
حين نكون في نزهة جماعية مع الرفاق بعيدة عن المنزل
كنا نجهل كل ماحولنا ولا نحمل هم الغد
وعند دخول المدرسة الابتدائية ورهبة الأيام الأولى وصوت ذلك القارئ المصري
الذي يقرع القلب ويقف طويلا بين الآيات
وشدة البرودة وجمود الأصابع
التي ان دسستها في جيب ذلك المعطف الليموني أسوة بزميلاتي
صرخت بنا المعلمة (طلعوا ايديكم من جيوبكم)
ومسطرة المعلمة العربية الوافدة
رغم تفوقنا الخوف وازدياد ضربات القلب الصغير
والفرصة المعطاة لتناول الفطور
طعم تلك الفطيرة وحساء العدس الذي تقدمه المدرسة شتاء
والبسكوت بالزبدة المحلاة
ومراييلنا الوردية المرتبة صيفاً والفيروزية في الشتاء
حصص الموسيقى و دوري في امساك المثلث
وتعبثي في بيانو المعلمة
والرياضة وصفارة المعلمة
ترنق الشتاء الأخضر وتي شيرت الصيف الأبيض
كرة السلة وتمريراتها
ووقوف والدي بانتظار خروجي
وفرحته بشهاداتي
وعلب الماكنتوش وقبلات أمي
و ثناء جدتي واطراء اعمامي
كم هائل من الدعم المعنوي
الذي غرس في النفس التطلع للتميز الدائم و النجاح
وكم هائل من الثقة والايمان الذي وقف لاحقا في وجه أصعب الظروف
التي اجتزتها بفضل الله أولا ثم بفضل تلك التربية الايجابية
 أحن الى خبز أمي ليس مطلع قصيدة الشاعر المعروف
بل حقيقة رائحة خبز عالقة في الذاكرة
يصاحبها غروب الشمس وصوت أبي يحمل ادام العشاء
ويطعمنا بيديه الغاليتين
رحم الله والدي رحمة واسعة
و أطال في عمر أمي
المتفانية في اسعادنا و السهر على راحتنا
والتي لطالما كانت صديقة لنا
صاحبة الثغر الضحوك
مخملية الملمس
تلك الحبيبة أمدها الله بالصحة والعافية
وكفاها شر العجز والضعف
رباه أجدني اتحول للكتابة عن وجع يسكن جوفي
استيقظ عليه وانام مبللة الخدين منه
اللهم لا تحرمنا ممن ارتبطت كل (سطوة ذكرى ) بها
انها أمي.

كيبوردية الخميس 26محرم1438
بعد قراءة سطوة الذكرى للكاتب علي الفيفي